Admin المدير العام
المساهمات : 140 تاريخ التسجيل : 10/06/2009
| موضوع: الردة وأقسامها الأربعاء يونيو 17, 2009 7:43 am | |
| الحمدّ لله والصلاة والسلام على رسول الله.
قال الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.
وقال تعالى: {ومن يرتدِدْ منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (البقرة 217).
إعلم وفقك الله أنّ الإيمان لغة التصديق وشرعا تصديق مخصوص وهو التصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والإسلام لغة الإنقياد وشرعا انقياد مخصوص وهو الإنقياد لما جاء به النبي بالنطق بالشهادتين.
والإسلام والإيمان متلازمان لا يقبل أحدهما بدون الآخر وإن كانا مختلفين من حيث معناهما الأصليان فمن آمن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وصدّق ذلك بالنطق بالشهادتين بلسانه فهو مسلم مؤمن، إن مات على ذلك لا بدّ أن يدخل الجنّة.
ولا يزول اسم الإيمان والإسلام عن المؤمن إلا بالرّدة التي هي أفحش أنواع الكفر ويسمى عندئذ كافرا ولا يجوز مناداته بالمسلم ولا بالمؤمن.
والرّدة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أفعال وأقوال واعتقادات كما نصّ على ذلك العلماء.
فقد ذكر تقي الدين الحصني الشافعي في كتابه الأخيار ما نصه "الرّدة في الشرع الرجوع عن الإسلام إلى الكفر وقطع الإسلام ويحصل تارة بالقول وتارة بالفعل وتارة بالاعتقاد" وقال النووي في روضة الطالبين ما نصه "الرّدة وهي قطع الإسلام ويحصل ذلك تارة بالقول الذي هو كفر وتارة بالفعل، وتحصل الرّدة بالقول الذي هو كفر سواء صدر عن اعتقاد أو عنادا أو استهزاء" وعلى هذا التقسيم كان مفتي بيروت الأسبق الشيخ عبد الباسط الفاخوري.
وكل نوع من هذه الأنواع الثلاثة يخرج من الإسلام بمفرده من غير أن ينضم إليه النوع الآخر، فيحصل بالاعتقاد المكفّر لو لم يصحبه قول أو فعل، قال الشيخ محمد العباسي الحنفي في الفتاوى المهدية ما نصه "سئل في رجل لم تجر على لسانه كلمة لكنه اعتقد بقلبه ما يكفر هل يكون كافر وإن لم يتلفظ أو يتوقف كفره على اجتماع القول والاعتقاد بالقلب، أجاب: لا يتوقف كفره على اجتماع القول مع الاعتقاد في القلب بل إذا اعتقد بقلبه ما يكفّر يكون كافرا كما أنه لو جرى على لسانه كلمة الكفر فإنه يحكم بكفره ظاهرا".
ولا يشترط للوقوع في الكفر انشراح الصدر بالإجماع، قال ملاّ علي القاري في شرحه على الفقه الأكبر ما نصه: "ففي حاوي الفتاوى: من كفر باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان فهو كافر وليس بمؤمن عند الله".
أمثلة لألفاظ الرّدة: ومن جملة ما يخرج المسلم من الإسلام سبّ الله بالإجماع كما في شرح الشفا للقاضي عياض فقد قال في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى " لا خلاف أنّ سابّ الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم".
ومن ذلك نفي صفة من صفات الله الواجبة له إجماعا كنفي قدرته سبحانه وتعالى وعلمه كمن يقول والعياذ بالله "الله لا يعلم ذلك الشىء على ما هو عليه" أو "الله لا يقدر على ذلك" ومن ذلك أيضا سبّ النبي أو غيره من الأنبياء والإستهزاء بهم وتكذيبهم.
ومن ذلك أيضا إنكار نبوة نبي مجمع على نبوته كموسى وعيسى وإبراهيم وءادم عليهم الصلاة والسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد ءادم يوم القيامة وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ ءادم فمن سواه إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر" رواه الترمذي وحسّنه.
ومن ذلك أيضا نسبة الإبن أو الأخت إلى الله ولو لم يعتقد بقلبه أن لله إبنا أو أختا واستحسان الكفر من غيره كفر أيضا لأن الرضى بالكفر كفر.
وكلّ كلمة كفرية تصدر من مسلم تخرجه من الإسلام سواء كان مازحا أو جادا أو غاضبا، ويستثنى من الكفر اللفظي:
• حالة سبق اللسان: أي أن يتكلم بشىء من ذلك من غير إرادة بل جرى على لسانه وهو لم يقصد أن يقوله بالمرة.
• حالة غيبوبة العقل: أي عدم صحو العقل.
• حالة الإكراه: فمن هُدد بالقتل على أن يتلفظ بسب الله أو بسب القرءان فنطق بالكفر بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان فلا يكفر ولا يؤاخذ عند الله تعالى، قال تعالى: {إلاّ من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله} (سورة النحل)
• حالة الحكاية لكفر الغير: فلا يكفر الحاكي كفر غيره على غير وجه الرضى والاستحسان ومستندنا في استثناء مسئلة الحكاية قوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله} (سورة المائدة).
• والحكاية المانعة لكفر الحاكي إما أن تكون في أول الكلمة التي يحكيها عمن كفر أو بعد ذكره الكلمة عقبها.
والذي وقع في إحدى الكفريات لا يعود إلى الإسلام إلا بأن يتشهد بعد أن يعتقد أنّ ذلك كفر.
أما الذي لا يعتبر سبّ الله في حال الغضب كفرا ثم صار يتشهد كعادته عند الإستيقاظ من النوم أو عند سماع المؤذن فإنه لا يرجع إلى الإسلام حتى يعتقد أن سبّ الله تبارك وتعالى كفر هو خروج من الإسلام ثم يتشهد فعندئذ يكون قد رجع إلى الإسلام، وكذلك الذي يظنّ أن سبّ الله هو لغو اليمين ولا يؤاخذ به الإنسان فمهما تشهد لا يرجع إلى الإسلام.
وهذا الشىء ليس فتوى استخرجت في هذه الأيام بل هذه فتاوى علماء الإسلام منذ مئات السنين مما استنبطوه من كتاب الله وحديث رسوله، ومن أراد الإطلاع على ذلك فليطالع كتب المذاهب الأربعة.
وما أعظم خطر هؤلاء الذين تعودوا سبّ الله صباحا ومساء ولا يرون هذا مخرجا من الدين وبعضهم يكونون متزوجين ثم يعاشرون أزواجهم وهم على هذه الحال، ومعاشرتهم هذه زنا لأن من ارتد انفسخ عقد نكاحه باتفاق المذاهب الأربعة وغيرها والعلاقة بينه وبين زوجته علاقة غير شرعية وجماعه لها زنا، ومن جهل ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه.
نسأل الله أن يرحمنا ويثبتنا على الإسلام ويميتنا عليه.
| |
|